بقلم ريتشيل بيكلز ويلسون
وصل العود الثاني الذي نعرف عن رحلته إلى أوروبا بفضل الموسيقي والأكاديمي البلجيكي فرانسوا جوزيف فيتيس (1784 – 1871). ويرجع الفضل إلى الملاحظة التي قدمها في كتابه (التاريخ العام للموسيقى) Histoire Generale de la Musique إلى تمكننا من تتبع ما حدث. ومدفوعًا بطموحه في فهم الموسيقى من كافة أنحاء العالم، وكان فيتيس قد طلب المساعدة من القنصل البلجيكي في الإسكندرية، إتيان زيزينيا (1794 – 1868) والذي تفضل بكرم في مساعدته. وأصبح فيتيس في 1839 مالكاً لمجموعة كبيرة من الآلات والتي تضمنت بالطبع إحدى آلات العود.
في السنة اللاحقة لوفاته، باع ادوارد، ابن فيتيس، الآلات، بما في ذلك العود، إلى الدولة البلجيكية. وقد كانت هناك مؤسسات لتجميع الآلات الموسيقية تم تأسيسها في 1877 في معهد الموسيقى الملكية في بروكسل. ومن ثم، فإن متحف الآلات الموسيقية هذا هو المكان الذي يوجد فيه عود فيتيس، والمعروض في صندوق عرض زجاجي. ومن ثم، فهذا هو أقدم عود نعرفه في أوروبا. وربما يكون أقدم عود موجود على الإطلاق.
نفهم من كتابات فيتيس أن العود كان يجب أن يتم استيعابه في التفكير العنصري الأوروبي في ذلك الوقت. فقد كانت أوروبا ترى أن الموسيقى من القارات الأخرى متأخرة عن الموسيقى الأوروبية (فقط كما كان من المفترض أن الأشخاص من القارات الأخرى كانوا أقل في مستوى التطور من الأشخاص الأوروبيين). ولذلك، فبالنسبة لفيتيس، كان الاهتمام المميز بالعود (والآلات الأخرى غير الأوروبية) إمكانية لكشف الإنتاج الثقافي في مرحلة مبكرة من البشرية.
على الرغم من ذلك، لم يمنعه هذا من نشر دراسته عن الآلات في المجلد 2 من كتابه “التاريخ العام للموسيقى” (Histoire Generale de la Musique)، الذي تم نشره في سلسلة بين 1869 و1876. وقد كان عرضه بالأساس مقارنة بين ترجمة إلى اللاتينية لما كتبه الفيلسوف المسلم أبو نصر محمد بن محمد الفارابي (872-950/951) وقد كان العود معه. مع ذلك، لم يكن لديه أي معرفة، كما يبدو، بالمصادر الأكثر تفصيلاً بخصوص العود من كتاب مثل إسحاق الكندي (تقريبًا 866) أو إخوان الصفا (أول القرن الثاني عشر).
لقد تعلم من الفارابي عن العود رباعي الأوتار، الذي ترتب عليه ظهور 16 درجة موسيقية بالإضافة إلى المجموعات المفتوحة (الأوتار المطلقة)، بمجرد وضع الأصابع الأربعة عليها. كما علم أيضًا بوجود عود مزود بسبعة دساتين والذي أرجعه الفارابي إلى الفرس، الذي يصدر سلما من 28 درجة تفصلها ابعاد موسيقية أصغر، وعن عود يوجد به وتر خامس إضافي يعطي صوت “لا”. وكما لاحظ فيتيس، فقد كان العود الذي حصل عليه كبير للغاية. وكان يوجد به أوتار مزدوجة. كما كان الزند خالي من الدساتين، بخلاف الآلات التي وصفها الفارابي.
من المفترض أن العود كان به أوتار عندما حصل عليه، بالرغم من أن ضبط الأوتار الذي وصفه كان بالتأكيد إعادة نشر للعمل الذي نشره آخرون بالفعل. ومن ثم، فقد ذكر أن أدنى نغمة “لا” كانت على الجانب الأيمن من الزند ويمكن ترتيبها بصورة متوافقة على مَدرج موسيقي:
لقد استخدام فيتيس هذا الضبط ونص الفارابي لتطوير العلامات الموسيقية للعود على المَدرج، مع وضع الأصابع الثلاثة (السبابة والوسطى والخنصر) في كل من الأوتار. وقد لاحظ أن بعض العازفين استخدموا الإصبع الرابع أيضًا، بما يصدر رابعة تامة من الأوتار المطلقة.
كذلك، كانت أبعاد العود الذي طرحه في كتابه هي تلك التي وصفها فيوتو. ومع ذلك، فهذه خاصة بالعود الذي لديه، والتي قدمها جوريس دي فالك في متحف بروكسل كانت أكبر من ذلك كثيرًا:
طول الوتر الرنان أو المهتز – 637 مم
عرض السطحة – 401 مم
طول السطحة – 516 مم
طول الزند – 224 مم
أعلى الشمسية إلى أسفل السطحة – 358 مم
مقدمة المشط إلى أسفل السطحة – 98 مم
أقصى عمق للصندوق الصوتي – 235 مم
قطر الشمسية – 117 مم و33 مم في الشمسية الصغيرة
الوزن التقريبي – 1025 غرام
في قسم مستقل من المجلد 2، قارن فيتيس بين العود العربي والعود الذي يعزف عليه الفارسيون، مع ملاحظة فقط الانعكاسات في النغمات والعدد الأكبر من الدرجات في الأخير. كما لاحظ أن روايات المسافرين تكشف اختفاء العود في بلاد فارس في بداية القرن الثامن عشر، وساهم هذا في صعوبة العزف عليه بالنسبة للعازفين، مقارنة بالآلات مثل الطمبورة والطنبور برزك.
يرجع الفضل إلى ساسكيا فيلارت من متحف الآلات الموسيقية في بروكسل في مشاركة مصادرها القيمة حول رحلة هذه الآلات.
كما يرجع الفضل إلى ديفيد سان ميلان في التقاط الصور الرائعة. لمزيد من المعلومات حول أي آلة ذات صلة وغير موجودة الآن، يرجى قراءة “من مصر إلى فرنسا حوالي 1800”.
One Comment Add yours