بقلم سالفاتور مورا
يمكن أن يكون هذا العود، الذي وصل إلى إنجلترا في 1867 بفضل بعض الجهود الدبلوماسية الدولية، أقدم آلة موسيقية باقية من أسرة العود في شمال أفريقيا (يشار إليها عادةً الآن باسم “الكويترة” أو عود الرمل أو العود العربي). وليس من الواضح حتى الآن مكان صنعه سواء في الجزائر أو تونس أو مصر وفقًا للتصميمات الجزائرية والتونسية. ولكنه يتضمن خصائص صنع العود التونسي في القرن العشرين، لذا، يتم الإشارة إليه بالعود العربي وفقًا للمصطلحات المستخدمة في الوقت الراهن.
لم يكن الصناع في شمال أفريقيا معتادين على تعريف بأنفسهم على الآلات الموسيقية التي يصنعونها حتى بداية القرن العشرين. وفي ذلك الوقت حدث تغيير في تونس على وجه التحديد. في هذا الصدد، تتضمن الآلات التاريخية ملصقات من الصانعين طاهر بن محمد سرور (1918) وعبد العزيز الجميل (1923) ومحمد بن حسن بالأصفر(1931).
تشير آلات العود من شمال أفريقيا الموجودة في المتاحف الأوروبية إلى وجود خشب الصنوبر منذ فترة طويلة بصفته أهم خشب في صنع العود. مع ذلك، فهي تبين أيضًا استخدام المواد الأخرى مثل خشب الورد وخشب الماهوجاني والخشب من مختلف أشجار الجوز. كما يمكن تتبع الأخشاب غير المتجانسة المكونة للعود اليوم أيضًا، بالرغم من أنه وفقًا لهادي بالأصفر، ابن محمد بن حسن بالأصفر، فقد كان لخشب الأرز اللبناني دورًا مميزًا في صناعة العود. ويوجد هذا العود الرائع بصورة خاصة الآن في لندن في متحف وحدائق هورنيمان.
بالنسبة للتصميم، فإن الآلة مختلفة بصورة كبيرة عن العود العادي الذي نراه الآن (والذي يشار إليه الآن في تونس باسم “العود الشرقي”). فالنسب الخاصة بالهيكل (الطول 480 مم) أصغر، والرقبة (250 مم) والتناغم (610 مم) أطول. ومع ذلك، يشير شكل الآلة الموسيقية إلى شيء خليط بين العود المصري والكويترة. كما يتكون الغطاء الرائع بعمق 185 مم من أحد عشر ضلعًا بعرض حوالي 50 مم. كذلك، يتم تأمين الأضلاع بقطعة خشبية كبيرة (القفلة) حول الحافة الخلفية للهيكل، والتي تعمل أيضًا كزخرفة للعود. وداخل الهيكل، يتم لصق شرائح ورقية عمودية على الأضلاع لإحكام الإغلاق، فضلاً عن وضع تسعة قضبان متناسقة (مسطر) في منطقة الشمسية وفي الجزء العلوي والسفلي من السطحة.
تم صنع الوجه من 6 أجزاء ملصوقة كل منها بالآخر بصورة طولية. وعادةً ما يتم لصقها باستخدام الغراء المحلي من السيقان التي توجد وفرة منها داخل الغلاف. ويكشف الوجه الذي تم الحفاظ عليه بصورة مناسبة عن أن الآلة لم يتم العزف عليها كثيرًا. تبلغ السماكة 3 مم وهو مجهز بحافة مزخرفة مصنوعة من جلد الماعز يربطها بالهيكل ويحميها من الحواف الدقيقة.
تخرج ثلاث شمسيات (أقمار) بتصميم هندسي مباشرة من السطحة مع احتوائها على الكثير من الزخارف الزجاجية والرقائق الملونة. في هذا الصدد، تكون الشمسية العلوية، التي يكون قطرها 60 مم وتوجد بها زخارف بيضاوية الشكل، على مسافة 135 مم من سطح، بينما يكون الزوج السفلي من الشمسيات بقطر 75 مم وعلى بعد 205 متر طرف القاعدة.
يكون الجسر (فرس) بطول 170 مم على شكل شارب، وملصوق مباشرة على الوجه، ومغطى بالعاج والصدف. كما أن الشكل خاص بالكويترة الجزائرية والعود العربي التونسي الذي حصل عليه Cité de la Musique في باريس وكذلك متحف الآلات الموسيقية في بروكسل في 1873 و1878 و1896. وتحمي رقمة خشبية، مزينة بدقة بالعاج حول حافتها، السطح من أي ضربات باستخدام الريشة. كما يذكر شكله بنوع من معجنات الحلويات في شكل طبقات والمعروفة باسم البقلاوة.
تتضمن الرقبة، المصنوعة ربما من خشب الورد قطعًا من عظام الحيوانات. وهي ترتبط بالهيكل عبر ثلاثة أخماس طول الأوتار فضلاً عن عرضها (44 مم ترتبط فيها مع بيت المفاتيح و52 مم ترتبط فيها مع الهيكل). كما أنها متصلة بالهيكل من خلال وتد، يشار إليه الآن باسم “ذيل الخطاف” في إشارة إلى شكله.
من المحتمل أن يكون البنجق مصنوعًا من خشب الجوز قبل طلائه باللون الأسود ونحته في قطعة خشبية واحدة فحسب. كما يبلغ طوله 192 مم على الجانب العلوي و222 مم من الأسفل. ويتضمن بيت المفاتيح ثمانية مفاتيح عظمية بسيطة، كما أنها مرصعة بالعظام مثل الرقبة. يبدو أنه تم الحفاظ على كافة الأوتار منذ وصول العود في متحف ساوث كينسينجتون في لندن في 1867. وقد تكون المفاتيح (الملاوي) مصنوعة من خشب الورد. فبالرغم من عدم وجود أي سجل يفيد بأنها تم استبدالها، إلا أنها تبدو أصغر من بقية الآلة.
الشكر موصول إلى ديفيد سان ميلان على الصور الملتقطة لهذه الآلة الموسيقية.