كريم عثمان حسن
ليس لدينا أي معلومات عن مصطفى، صانع هذا العود، غير أنه كان يدرس حرفة النجارة أو صناعة الأدوات الموسيقية. هذه الآلة الموجودة في متحف استوكهولم للفنون التعبيرية تمت صناعتها من قبل طالب في المرحلة المتوسطة.
لم تُعتبر هذه الآلة مهمة؟
يأتي أحد أجزاء الإجاب على هذا السؤال من منشأ هذه الآلة، فهي مصنوعة في مدينة أضنة، ثالث أكبر مدينة في تركيا اليوم والتي يوجد بين سكانها تركيبة كبيرة من الناطقين باللغة العربية منذ عهد العثمانيين ولغاية الآن. وهذا الأمر لا غرابة فيه نظراً لأن أضنة كانت دوماً من المدن الواقعة على طرق التجارة المهمة معا الجارة سوريا.
ويضم جسم العود 19 ضلعاً صنعت بالتناوب من خشب الجوز والقيقب، موضوعة بجانب بعضها البعض بدون قطع طولية إضافية فيما بينها. وتم قص نقطة اتصال الأضلاع مع قاعدة الكتلة بشكل دائري، حيث تم إلصاق قشرة من خشب الجوز عليها.
ولا توحي بنية هذا العود بأنها النموذج الأولي للآلات المصنوعة في هذه الفترة في إسطنبول على يد صانعي العود اليونانيين والأرمن، بل نجد فيه شبهاً من النماذج التي كانت تُصنعُ في حلب.
وبخلاف معظم آلات العود المصنوعة في إسطنبول، فإن صدر العود الذي ما زال بحالة جيدة جداً يحتوي على فتحة صوت واحدة، وهي مثبتة من خلال قمرة بسيطة نسبياً وغير محفورة بإتقان وقد تم تثبيتها بالغراء من الداخل ولم تنطبق في الفراغ المخصص لها بشكل دقيق. إن عدم وجود حد فاصل أو بطانة للتثبيت في فتحة الصوت أمر شائع في أعمال صانع العود الحلبي جورج حايك.
إن فكرة النقوش الساذجة على شكل نخلة والأجزاء النباتية في الرقمة مشابهة لتلك المستخدمة في بعض الآلات الحلبية القديمة. كما يوجد مثل هذا التزيين النباتي على الوجه الامامي لزند العود.
من الصعب في هذه المرحلة أن نكون أكثر دقة. قد تساورنا الشكوك بأن مصطفى قد استعان بعود من صناعة الحلبي “حايك” كنموذج، حتى لو كان أستاذه قد أوكله بمهمة صناعة نسخة. ولكن الفرس من النوع الشائع في الأعواد المصنوعة في القاهرة ودمشق أكثر من المصنوعة في حلب. بالإضافة إلى ذلك، فإن المفاتيح الـ 12 التي تشبه شكل الملعقة وعدم وجود “اللوزة” – وهي نوع من الزخارف أو الزينة التي تشكل نهاية زند العود عند نقطة اتصاله بجسم العود – لا تدعم هذه الفكرة.
لماذا لم يقم مصطفى بتقليد صانعي العود المشهورين في إسطنبول؟ هل كانت هناك ميول وطنية أثرت في الموضوع؟ وهل كان عازفو العود في المجتمعات اليونانية يعزفون على أعواد مصنوعة من قبل الصانعين اليونانيين؟ وهل كان الأرمن يستخدمون الأعواد الأرمنية؟ إذا كان مصطفى و/أو أستاذه عرباً، فهل قاموا باتخاذ آلة عربية كنموذج لهذا السبب؟ من الصعب حقاً الإجابة على هذه الأسئلة.
من المحتمل أن تكون المدرسة التي تعلم فيها مصطفى قد اعتمدت على آلات العود المصنوعة محلياً والمتوفرة بشكل أسهل وأرخص في “أضنة” بدلاً من الموديلات المكلفة المصنوعة في إسطنبول.