كريم عثمان حسن
من المحتمل أن تكون هذه الآلة المكونة من ستة أوتار مزدوجة قد صنعت قبل فترة طويلة من استقرارها في بروكسل سنة 1879، وذلك لكونها توفر لنا مستويات مختلفة من التاريخ، وربما الجغرافيا كذلك.
وتظهر أخشاب التنوب والصنوبر ذات الحبوب الدقيقة التي يصنع منها الصدر وجود شقوق صغيرة، ما يدل على أن المواد المستخدمة ذات جودة عالية. وتم تصنيع الرقمة الملصقة بالغراء عليها من الخشب القاسي اللامع، وبالكاد يظهر عليها أي آثار للاستعمال.
ولكن الفرس المصنوعة من خشب الجوز تمت صناعتها بشكل غير متقن، وصُبغت باللون الأسود كما كان شائعاً، وتم إلصاقها على صدر العود. كما صُبغت القمرة كذلك باللون الأسود وهي منحوتة من خشاب الجوز القاسي الملون وتم وضعها بإحكام في فتح الصوت من الداخل، وتثبيتها بواسطة دوائر على قشرة الخشب. بالنسبة لمعاييرنا الحالية، فإن فتحة الصوت صغيرة جداً. وهذا الأمر يوحي بأن الآلة لم تكن لتنجح نظراً لأن الصوت سيتم كبته بسبب هذه الفتحة.
تمت صناعة الظهر أو القصعة من 17 ضلعاً بالتناوب بين خشب الجوز والزان (أو ما يشبهه)، وتم تثبيتها بمشبك كبير في النهاية باستخدام قشرة من أنواع مختلفة وبالتناوب أيضاً. ونظراً لكون أنواع الخشب وألوانه غير متطابقة مع الخشب المستخدم في صناعة الظهر أو القصعة، فإن هذا يجعلنا نشك في كون المشبك غير أصلي.
وثمة صفة أخرى مثيرة للاهتمام تتعلق بالشكل الإجمالي للظهر أو القصعة فإذا أخذنا نظرة جانبية على العود سيتضح لدينا بأن الخط المنحني في المنتصف مختلف عن المظهر الخارجي. يبدو أن الأضلاع قد تم ثنيها بطرق مختلفة. يمكننا الإشارة إلى هذا النوع من الظهر/القصعة بأنه “لا متماثل أو غير متناسق”. وتتمثل إحدى مزايا هذا النوع من الهياكل في الكيفية التي يتلائم بها مع ذراع العازف. وحتى في حالات العزف الحماسي نجد أن حافة الآلة لا تتقاطع مع الذراع، ويكون من الأسهل العزف على العود مع وضعه على صدر العازف (da braccia) كما كان عليه الحال مع الآلات الموسيقية الوترية. ربما تكون الراحة في العزف هي السبب في استخدام هذه التقنية “غير المتناسقة” في صناعة العود في بعض الآلات السورية حتى وقت قريب (أنظر المقالة المعنونة “الأخوان السوريان في اسطنبول“).
لا يوجد حواف ناتئة تصل الصدر مع الظهر أو القصعة ولكن هناك بعض بقايا الكتان عند الوصلة. يمكننا أن نفترض بأن عصبة/رباط من الكتان كانت في الأصل تحيط بصدر العود لحمايته، حيث كان هذا الأمر شائعاً في آلات العود في شمال أفريقيا (عود عربي – عود رمال – كويترة) حتى وقت قريب.
بعيداً عن العيوب والشوائب الطفيفة، فإن زند العود لا يوحي بأي آثار استخدام. وقد تم تزيينه في الأسفل بزخارف متناوبة من العظم “أو العاج” وقطع معينة الشكل من خشب الجوز. أما الجوف فإنه مصنوع على الأغلب من الخشب الخفيف. أما الوجه الامامي لزند العود فهو عبارة عن قشرة يمكن ملاحظتها من الانتفاخ الموجود في النهاية السفلية.
وتحتوي “علبة المفاتيح أو البنجق” على 12 مفتاح مقصوصة بواسطة آلة خراطة من الخشب البني (خشب الورد أو ما شابه). وتنتهي علبة المفاتيح بقطعة خام أو غير متقنة من العاج (أو مادة مشابهة). وتتنوع المفاتيح في الشكل، ما يوحي أنها ليست جميعها أصلية.
بعيداً عن العيوب والشوائب الطفيفة، فإن زند العود لا يوحي بأي آثار استخدام. وقد تم تزيينه في الأسفل بزخارف متناوبة من العظم “أو العاج” وقطع معينة الشكل من خشب الجوز. أما الجوف فإنه مصنوع على الأغلب من الخشب الخفيف. أما الوجه الامامي لزند العود فهو عبارة عن قشرة يمكن ملاحظتها من الانتفاخ الموجود في النهاية السفلية.
وتحتوي “علبة المفاتيح أو البنجق” على 12 مفتاح مقصوصة بواسطة آلة خراطة من الخشب البني (خشب الورد أو ما شابه). وتنتهي علبة المفاتيح بقطعة خام أو غير متقنة من العاج (أو مادة مشابهة). وتتنوع المفاتيح في الشكل، ما يوحي أنها ليست جميعها أصلية. من شبه المؤكد ان الآلة قد تم فتحها للتصليح قبل شراءها في سنة 1879. وقد أظهر فحص بالمنظار في متحف الآلات الموسيقية بتاريخ 2 أكتوبر 2015 أنه قد تم القيام بعمليات تصليح وصيانة تم تنفيذها بشكل سيء. ثمة ثقب في جسم العود، يبدو أنه يعود لعملية صيانة غير متقنة، تم إصلاحه بقطعة صغيرة من الخشب من الداخل تم تثبيتها من الخارج بمزيج من الخشب والغراء. وقام المتحف بأعمال للحفاظ على الآلة عند تحضيرها للعرض في معهد العالم العربي (Institut du Monde Arab) في باريس سنة 2005. ولكن هذه الأعمال شملت فقط تصليح علبة المفاتيح أو البنج، والتي كانت قد انفصلت عن زند العود، بالإضافة إلى إغلاق الشقوق التي لحقت بجسم العود، وقد تم القيام بهذه الأعمال كلها بدون فتح الآلة. كما أظهر الفحص بالمنظار وجود عدد من التفاصيل المثيرة للاهتمام في بنية العود مثل وجود قطع مفرغة مرتبطة ببعضها (للتخفيف من وزن العود)، ووجود نسق من الدعامات/الجسور (braces) من الجهة السفلية من الصدر، وخطوط ملونة مرسومة لتسهيل محاذاة الدعامات، وعلامة تشير إلى نقطة المنتصف العمودية في الصدر.
يظهر من تقارير فيكتور ماهيلون وزملاءه أن شخصيات لا تقل عن رؤساء النقابات العربية للشعراء والمؤلفين الموسيقيين ممن ائتمنوا في سنة 1879 على تجهيز مجموعة من الأدوات الموسيقية المصرية لمتحف الأدوات الموسيقية في بروكسل، وهي المجموعة التي ضمت هذا العود. ما السبب الذي دفعهم لاختيار هذه القطعة؟ يمكننا أن نسأل – ولدينا أسباب كافية – ما إذا كان هذا الوفد الرسمي لديه ضمير حي كي يقوم بتزويد جامع التحف البلجيكي بهذه الآلة الموسيقية المعطوبة والتي تحتوي على رقع.
إن هذا العود بأبعاده الصغيرة بشكل غريب تعطينا مثالاً عن تناقض صارخ مع آلات العود التي تعود للقرن التاسع عشر التي تم الحصول عليها من مصر، والتي تعتبر بمعايير اليوم كبيرة جداً.
مع الشكر لكل من (ساسكيا فيلاريت Saskia Willaert) و (يوريس دي فالك Joris De Valck) من متحف الأدوات الموسيقية في بروكسل لتسهيلهم البحث التفصيلي المتعلق بهذه الآلة.